اول ليلة في القبر

ليلتانِ اثنتان يجب ان يجعلها كلُ مسلمٍ في مخيلته.
ليلةٌ وهو في بيته مع أطفاله وأهله. منعما سعيدا، في عيشٍ رغيد في صحة وعافية، يضاحكُ أطفاله ويضاحكونه.
والليلةُ التي تليها مباشرةً ليلةٌ أتاه الموت فوضع في القبر،

أي ليلتين ؟

فبالله كيف تكونُ الليلةُ الأولى في القبر ؟
يومَ يوضعُ الإنسانَ فريداً وحيداً مملقاً إلا من العمل، لا زوج ولا أطفال ولا أنيس ولا صديق ولاجليس.

يقول كيف أفارقُ أطفالي في لحظة ؟
لماذا لا أستأذنُ أبوي ؟

أهكذا تُختلسُ الحياة، اهكذا أذهب ؟

أهكذا أفقدُ كل ممتلكاتي ومقدراتي في لحظة ؟

وأين مكانُ البعد إلا هذا المكان ؟

وأين الوحشةُ إلا هذا المنقلب ؟

وأين المكان المظلم إلا هذا المكان ؟

فهل تصورَت متصورٌ كهذا.

يا مدبرا عن المساجد ماعرف الصلاة.

يا معرضا عن القرآن، يا متهتكا في حدود الله.

يا ناشئا في معاصي الله.

يا مقتحما لأسوار حرمها الله.

ياغافلا عن اخرتك بملذات دنياك الفانية

عش ما بدا لك سالماً عش ألف سنه، عش مليون سنه سالماً معافاً مشافا.
ما تريدُ من طعام، ما تريدُ من شراب هو عندك،ماتريد من متع أو متاع فهو لك ...

لو عشت ألف سنه، وما طرقَه همٌ ولا غم ولا حزن مرت بك وأنت في سعادة دائمة -
لو حصلت على كل ماتريد

- فوالله لاتساوي ليلة واحدة في القبر - حتى ولا ساعة واحدة؟؟؟


اما حفرة من حفر النار أو روضة من رياض الجنة

هل لنا أن نهيء لنا نوراً في القبر -و لا ينورُ لنا القبر إلا العملُ الصالحِ بعد الإيمان.

نقدمَ ما يؤنسُنا في القبر يوم ننقطعُ عن الأهل المال الولد والأصحاب.

و واللهِ لننزلنَها جميعاً، أولُ ليله.

فيا عباد الله، أسألُ الله لي ولكم الثبات،


يا شيخاً كبيراً احدودب ظهرُه ودنى أجلُه، هل أعدت لأولِ ليله ؟

يا شاباً مصطحاً متنعماً غره الشباب والمالُ والفراغ هل أعدت لأولِ ليله ؟

من الناس من علموا بأول ليلة في القبر فأحسنوا العمل، ولذلك وتهيؤوا لها يريدون الله والدار الآخرة، ثبتهم الله في الليلِ والنهار. يترقبون الموت كل طرفة عين.

ومنهم من عمل لهذه الدنيا الحقيرة، السخيفة التي لايعمل لها الا الذين لا يريدون الله والدارالآخرة.

ماذا أعددنا لضيافةِ تلك الليلة ؟

و إنها إما أولُ ليلةٍ من ليالي الجنةِ.



أو أولُ ليلةٍ من ليالي النار.